الراضي بالدون دنيء.
أيامٌ شداد.. لكنَّ الله أحنّ وأرحم !
...
حدقت بممر الورود الطويل امامي ..
ذات الممر الذي اعجبني في بداية رحلتي هنا ..
امتلأ الممر بانواع مختلفة من الورود التي جهلت انواعها حقًا ..
قررت استكشاف الحديقة منذ اننا لن نخرج قبل المساء .. والوقت قارب الظهيرة بالفعل!
اي انه علي الانتظار ..
واكثر ما يكرهه بيون بيكهيون؟
انه فطائر التفاح التي تجبرني امي على تناولها كل اسبوع لكن اجل انا اكره الانتظار ايضًا!
الحديقة كانت عبارة عن ممشى طويل احيط به عدد كبير من الورود الى جانب ارجوحة لطيفة في نهاية الممر ..
ما اعطى الحديقة لمحة من البساطة الجذابة!
" مالذي تفعله هنا؟"
صوت ظهر من جانبي
فزعت وارتجفت اوصالي ..
التفت جانبًا لاجد السيدة بارك امامي..
وضعت يدي على ص*ري بينما احاول تنظيم نبضاتي..
"لقد اخفتني!"
سقت السيدة بارك الازهار امامها بالمرش بين يديها وبدا انها كانت تفعل هذا منذ وقت ..
" ماذا تفعل هنا؟"
اعادت بصوت هادئ
" فقط شعرت بالملل في الداخل لذا قررت التجول في الارجاء"
همهمت السيدة بارك وتابعت ما تفعله بهدوء
الزهور كانت باشكال مختلفة جعلتني اتأملها باعجاب..
لكن اكثر ما اعجبني كان الزهور البيضاء البعيدة لذا اطلت التحديق بها ..
" النرجس!"
نطقت السيدة بارك واملت رأسي بعدم فهم
" انها زهور النرجس!"
اشارت الى الورود التي اطلت التحديق بها
" لطالما كانت رمزًا لحب النفس المفرط .. الغرور! "
همهمت بفضول وتابعت هي ري الزهور ثم اكملت
" آمن الاغريقيون قديمًا باسطورة تحكي عن حورية بحر حملت كرهًا شديدًا لآلهة يدعى نيرسيسوس ، فسعت الى اهلاكه بلعنة فريدة من نوعها! جعلت الحورية نيرسيسوس يحمل حبًا عميقًا لنفسه يزداد يومًا بعد يوم ، كان نرسيسوس يذبل لعدم قدرته على محادثة نفسه او رؤيتها "
" مالذي حدث بعد ذلك؟"
اعتدلت والدة تشان واقامت نفسها لتجيب
" ذات يوم .. بينما نرسيسوس يرتحل في احدى الغابات مرّ على نهر خلاب ، ولعطشه الشديد قرر شرب الماء . وبمجرد ان انحنى نيرسيسوس ليشرب لمح صورة حسنة على النهر .. كانت صورته! ولكونه حمل حبًا عظيمًا لنفسه .. اراد لمس صورته في النهر بشدة ، وهذا ما فعله ! انحنى نيرسيسوس باتجاه صورته بشكل عميق ، حتى كان قريبًا جدًا منها!"
مددت السيدة بارك اطرافها بينما راقبتها بفضول
نظرت الي السيدة بارك
" نيرسيسوس غرق في النهر في ذلك اليوم ، لكونه وقع فيه بينما لا يستطيع السباحة .. يقال ان المكان الذي غرق فيها نيرسيسوس انبت هذه الازهار"
اشارت بيدها الى النرجس
" ازهار النرجس .. التي مثلت حب النفس بشكل مبالغ به"
" ألهذا كان المصطلح نرجسية؟"
" بالطبع! .. انا لم اروي لك القصة بكل جوانبها لكوني لم ادرس التاريخ الاغريقي قط .. لكني اعرف ان الخلاصة هي وقوع نيرسيسوس في النهر بينما يحاول لمس صورته"
" قصة غريبة .. لست ادري ان كانت الحورية هي الشخصية السوداء حتى .. لانها لم تفعل شيئًا حقًا سوى زيادة ذلك الجانب منه .. كل منا يمتلك حبًا عظيمًا لنفسه بداخله"
تلمست بتلات الزهرة الرطبة بيدي
" سواء أكان ذلك الحب بتعلقه بالحياة او رغبته في المال بشكل مبالغ .. او حتى في شراهته الزائدة للمال والطعام! .. كل ما ذكرت يصب في خانة حب النفس بشكل مبالغ.. لان كل ما ذكرت يصب في خانة المصالح الشخصية .. التي تعود بالفائدة على النفس والنفس فقط!"
حدقت بي السيدة بارك بغرابة
"تعني قصة غ*ية .. كيف لمجرد سقطة ان توجد هذه الازهار البديعة؟"
" ربما .. لكن لنأخذ العبرة ! أيعنون ان حب النفس خطيئة واكبر جريمة؟"
" بشكل مبالغ! .. اذا كان بشكل مبالغ!"
جلست على الارجوحة في نهاية الممر بينما اراقب السيدة بارك.
كانت تبدو **يدة لا تزال تتمتع بشبابها بالفعل ..
بحيث كان اكبر تقدير في عمرها هو التاسعة والثلاثون ..
لكن تقطيبة حاجبيها التي لم تفارقها كثيرًا الى جانب تجعيدات جبهتها ..
البستها التي لا تخلو من الرسمية ..
واطراف شفتيها التي لم اشهدها ترتفع ..
كان ذلك يجعلها تبدو اكبر بكثير ..
عدت الى زهرة اانرجس امامي ..
قيل لي ذات مرة انني اذا لم احب نفسي فلن اتمكن من حب الاخرين ..
اذا افرطت في الاول او تهاونت فيه فلن اتمكن من الثاني ابدًا ..
معادلة بسيطة اليس كذلك؟
تفاجئت للمرة الثانية حينما كانت السيدة بارك قد جلست بجانبي بالفعل حينما كنت احدق بزهور النرجس في الجانب الاخر ..
بهدوئها وصمتها المعتاد ..
بهالتها الوحيدة ..
تن*دت
من الصعب الجلوس مع زوجة والدك اذا كانت بذلك الصمت والوحدة ..
وفضول كبر بداخلي ، هلى كآبتها الحالية تتعلق بشيء حدث قبل سنتين؟
او بأي شيء في تلك السنتين؟
وبفضولي العارم سألتها ما يجوب في خاطري منذ مدة
" لماذا لستِ سعيدة سيدتي؟"
في حدقت بعيني بغرابة
" انتِ تملكين المال ، واطفال .. بيتًا رائعًا .. تعليم جامعي بتخصص اكاد اجزم انه جيد .. حتى انك تملكين مظهرًا جميلًا رغم سنك!"
اذا استثنينا اذنيها البارزتين؟ .. اجل انا لا اكذب!
" رغم ذلك .. انتِ لا تبدين سعيدة ابدًا .. " نظرت الي بتفاجئ واومأت اؤكد لها كوني لاحظت - ولا ادري اذا فهمت ايمائتي حقًا-
السيدة امامي التفتت بعيدًا حتى ظننتها ستمتنع عن اجابتي
فجأة هي تن*دت بتعب ولسبب غريب بدت كما لو انها ستفشي سر حياتها امامي ..
" رغم انك صغيرٌ لتفهم هذا .. لكن كل تلك الامور ليست بالضرورة جالبًة للسعادة ، ربما تجلب الغبطة او الحسد او حتى الفرح والسرور؟ .. لكن لاعيد ما قلته مرة ثانية : ليس بالضرورة! "
اومأت لها متفهمًا ..
نهاية البارت الرابع عشر.
رأيكم؟
توقعاتكم؟