الفصل الثاني(الجزء الثاني)
غزْوة انقياده
ـــــــــــــــــــــــــ
أنهت رسيل محاضرتها سريعًا وقررت المغادرة ليحثها قلبها القلق عليه فلم تغتبط في جلستها أو الإنصات لما يقوله ويشرحه الدكتور بداخل المحاضرة ولم تركز لكلمةٍ واحدة مما تفوه بها وضجرت من مكوثها غير المُجدي.
دلفت للخارج برفقة صديقتيها ألاء وفاتن اللتان اعتزمن الرحيل معها كون رسيل هي من تتولى مهمة إيابهن لمنازلهن بسيارتها وقتما تعرفت عليهن ليجدنها فرصة لهن حيث تواجههُن صعوبة في المواصلات وإزدحام السير، على الع** عبد الرحمن الذي رغب في تكملة بقية المحاضرات وكونه يمتلك سيارته الخاصة، دلفن الفتيات للخارج ليستقلن السيارة وجلسن في المقعد الخلفي وكانت رسيل تتوسطهن، وفي الأمام السائق وإثنين من الحرس المسلح، أثناء طريقهن بدا الشحوب والقلق على وجه رسيل وهذا ما لفت انتباههن لها، حيث سألتها فاتن بفضولٍ طفيف وهي تتأملها بشغف:
- مالك يا رسيل من وقت ما جيتي الصبح وإنتي سرحانة كده ومش معانا خالص وفجأة كدة عاوزة تروّحي؟ .
نظرت لها رسيل متن*دة بحزن وردت موضحة بقلق:
- أصل أيهم الصبح صحي من النوم وكان تعبان وعنده برد وكان صعبان عليا قوي لما سبته وجيت .
ضيقت فاتن نظراتها الماكرة عليها وقالت باستنكارٍ خبيث:
- شوية برد يخليكي تبقى قلقانة عليه كده، باين بتخافي عليه من الهوا والحب باين عليكي، من حقك طبعًا، واحد عاملك حراسة علشان خايف عليكي وكمان بيموت فيكي .
قالتها فاتن متن*دة بحرارة وهي تسبّل بعينيها لها، حدجتها رسيل بضيق وهي تضم شفتيها بقوة مدركة نظراتهن وتطفلهن في حياتها، وعن ألاء الجالسة على الناحية الأخرى أكدت هي أيضا بهيامٍ ازعج رسيل:
- يا بختك يا رسيل، نفسي أحب وألاقي اللي يحبني كده
هزت فاتن رأسها لتقول بتمني:
- نفسي أنا كمان اللي بحبه يحبني ويحس بيا .
نفخت رسيل بصوتٍ عالٍ لتفرغ شحنة امتعاضها منهن، هدرت بنبرةٍ مزعوجة فيهن حين وزعت نظراتها عليهن:
- على فكرة بقيتوا بايخين قوي، أنا عرفت ليه حظكوا وحش، علشان دايمًا بصين لغيركوا ومافيش واحدة فيكوا عارفة تتصرف صح علشان تبقى سعيدة .
لم يتفهمن عليها فوضحت رسيل حين نظرت لفاتن:
- يعني إنتي مثلاً ابن عمك دا هيحبك إزاي وهو شايفك هتموتي ورامية نفسك عليه بالشكل ده، من حقه يتكبر
على نافذة السيارة المجاورة لها فانتفضت مضطربة والتفتت لتری من وكذلك رسيل التي تعجبت من تلك الطريقة الو**ة ونظرت بعدم فهم لذلك الشاب قوي البنية ومفتولي العضلات الذي يحدق بضيق في فاتن التي عرفت هويته على الفور لتردد بجهل:
- سعيد
انتبهت رسيل لاسم هذا الشاب وعلمت انه ابن عمها، بينما طرق سعيد بوقاحة النافذة مرةً أخرى بعنف أکبر وهو يحدجها بغضبٍ ويصرخ:
- إنزلي من
للرجلين وأيضاً اتضح من هيئتهم صدق حديثها، عاود النظر لفاتن وترك عضدها شاعرًا بالحرج، فركت فاتن عضدها قائلة له وهي تصر أسنانها بتبرم:
- طول عمرك همجي ومبتفكرش قبل ما تتصرف
زم شفتيه وقال بنبرةٍ محروجة:
- خلاص بقى، شوفت بنت عمي في عربية مع رجالة عوزاني اتصرف إزاي
ابتسمت فاتن ونظرت له وقالت بنبرةٍ ناعمة والهة:
- يعني بتغِير عليا يا سعيد؟
صرخ معترضًا باستفزاز وهو يلوح بيده:
- بغِير أيه، إنتي
_____________________________________
توغّنت إطعامه بنفسها ولم يجد عارضًا في ذلك وتركها تطعمه بيدها وأسند ظهره على الوسادة، جلست هي أمامه على التخت تطعمه بمحبة.
كانت "لمى" في قمة سعادتها وهي تفعل ذلك فابتسم لها أيهم ولم يضع في باله لما تفعل ذلك وتعامل بطريقة عادية معها، على النقيض هي فهي تحاول أن تظهر أمامه في أبهى صورها ليُعجب بها ولكن هيهات مما تفعله فلم
زي ما هو
تن*د بفتورٍ وقال وهو يفرك عنقه بألم:
- خلاص أنا أصلاً عضمي م**ر ورقبتي بتوجعني
قالها بوجهٍ مكشر مجهد، ضغطت لما على شفتيها لتطرأ فكرة ما على ذهنها، نظرت له وقالت بنبرةٍ حماسية جمة:
- ايه رأيك أعملك مساج؟، المساج هيريحك قوي .
فكر أيهم في ذلك وقال بعدم اعتراض ليجده حلاً سليمًا:
- اوكيه معنديش مانع .
اتسعت ابتسامتها
وراحته ليحل محله الإرتباك المؤلم هو صوتها المهتاج وهي تقف عند مدخل الغرفة محدقة فيهما بشراسة، حيث هتفت رسيل:
- ايه اللي أنا شيفاه ده إن شاء الله؟
انتفض أيهم معتدلاً في نومته مضطربًا من صوتها المنفعل ونظر لها مرتبكًا حيث خشي بأن تظن شيئًا ما معيب.
وعن "لمى" رقص قلبها بشدة ولم تُبيّن ذلك وتعاملت مع الموقف بطبيعية ونهضت من على التخت لتقف مدعية البراءة وعدم الفهم لما تقصده رسيل.
تحركت رسيل من
هو شيمتها من الأساس:
- حبيبي مقدرتش أكمل ولا أركز في محاضراتي وأنا سيباك هنا تعبان كده
ثم وضعت يدها على وجنته برقة مصطنعة، أمسك أيهم يدها تلك وقربها من فيه ليقبلها ونظرات الحب تشع من عينيه، فابتسمت له رسيل باستحياءٍ مصطنع، قال أيهم بحبٍ بائن:
- حبيبتي وعمري إنتي .
ثم حاوط يدها بكفه وضمها لص*ره وابتسم لها، تسارعت أنفاس "لمى" الغاضبة وهي تتابع ما يحدث أمامها ولم تتحمل ت من يدفعها من الخلف لداخل الشقة ويوصد الباب، استدارت رانيا لتتفاجأ به أمامها وارتبكت وانتفض قلبها بقوة، نظرت رانيا له وهي تتنفس برهبةٍ متأملة تعابيره المزعوجة.
تحرك مصطفى نحوها وهو يرمقها بازدراء اغاظها منه حيث تتبع خروجها من الشركة باحتراسٍ ليتمكن من معرفة سكنها وهذا ما لم تضعه رانيا في فكرها المحدود، قال بسخطٍ وهو يتحرك نحوها فتتراجع هي:
- بقى مراتي اتخطبت من ورايا من غير حتى ما تعزمني .
ازدردت ريقها برهبةٍ
وخشيت ظهوره، نطق فاهها بتلك الكلمات رغمًا عنها حين ردت:
- إمشي وسيبني .
لم يقتنع مصطفى بأن هذه رغبتها وقال بعدم إقتناعٍ:
- كرهتيني بسهولة كده، مبقتيش عوزاني، عملت أيه أنا لكل ده
ابتلعت ريقها بصعوبةٍ وردت بعدم تحكم في نفسها اللعينة التي تخذلها دائمًا:
- عاوز ايه؟
رد بتلهفٍ انجلى على طلعته:
- هيكون مين
معاها، وتاني يوم في المستشفى بعتلك رسايل على تليفونك وإتصلت بيك كتير ومردتش عليا، دلوقتي راجع عاوز مني أيه، متفكرش إني ممكن ارجعلك بعد اللي حصلي .
ثم حاولت التملُص منه بكل قوتها ولكنه أصرّ على عدم تركها وفهم ما حدث، استنكر حديثها وهو يثبتها في احضانه:
- إمتى كلمتيني مافيش حاجة وصلتني
قالت بتبرمٍ ملتزمة التملُص منه جاهدة على فعلها:
- إمشي وسيبني في حالي، أنا من يوم ما عرفتك وحياتي باظت قوية:
- مش هيحصل يا رانيا، إنتي هتفضلي مراتي طول ما أنا عايش، وجهزي نفسك علشان هجيلك كتير، أنا واحد مراتي كانت بعيدة عني ووحشاني وهموت عليها .
ثم تركها بعدما ألقى نظرة واثقة عليها قبل أن يستدير مغادرًا الشقة.
اقتفت رانيا أثره مذهولة ثم حدقت في باب الشقة الذي صفقه خلفه متوجسة من مجيئة مرة اخرى وحركت رأسها رافضة، صرخت من سطوته التي ازعجتها:
- هتطلقني يا
علبة الدواء التي جلبتها له وصبّت له القليل قائلة بتكشيرة
دنت رسيل منه بعدما إنتهت ولفت الكوفية بطريقةٍ غليظة أيضاً حول عليا وإهتمت بيا، ودا بدل ما تشكريها إنها
لم تتفهمها، حتى ردد بجدية جمة:
- لأ، أنا عايز منك ولاد يا رسيل.............................
______________________
_______________
_________