الفصـل السـابـع
القِِيَّـــادي
ـــــــــــــــــ
استند على مقعده بداخل مكتبه ثم اغمض عينيه يفكر في ذلك القرار الذي اتخذه في الايقاع بها ، شرد ايهم في كيفية البدأ في تلك الخطوة ، تعمق في فكره فقد راودته حين اخبره محاميه بسبب التأخير ، كما اخبره انها خطوة جيدة في حل المسألة عندما اخذ برأيه فيها ، اقنع نفسه بأنه الحل الوحيد رغم انه سيجد صعوبة في تنفيذه وقد ايقن البداية للخوض فيها ، فتح عينيه علي صوت طرقات الباب فهو يعلم انه ماجد الذي استدعاه ليبلغه بما سينتوي له ، ولج ماجد ليجلس امامه ، اعتدل أيهم في جلسته ونظر له مطولاً ، تشدق ماجد لي**ر ال**ت وهو يستفهم بجدية :
- صحيح يا أيهم الكلام اللي قولتهولي امبارح ده ، انت بجد هتتجوزها ؟ .
نظرة له أيهم نظرة جامدة خالية من فهمها ، رد ببرود شديد :
- وانا من امتى بهزر في حاجة عاوزها ، انا خلاص اخدت قراري وهتجوزها .
رد ماجد بعدم اقتناع :
- وانت مفكر انك لما تقولها تعالي اتجوزك هتوافق على طول كدة ، انت حتى متعرفهاش ، بدا على ايهم عدم الاهتمام بحديثه فهو قد اتخذ قراره ولكنه انزعج كلياً حين اكمل ماجد بمغزى :
- وسالي انت نسيتها ، دا ابوها ممكن....
بتر ماجد جملته حين حدجه ايهم بنظرات ارعبته وألجمت ل**نه ، رد ايهم عليه بنبرة اظهرت غضبه :
- سالي مين وابوها دا ايه دا كمان اللي هخاف منه ، ولا هو اللي اكبر منه يقدر يعملي حاجة ، انا محدش يقدر يقف قصادي
رد ماجد بنبرة متوترة مرتعدة :
- انا مقصدش يا أيهم ، انا بقول ان دا جواز و...
قاطعه ايهم قائلاً بحدة :
- خلاص يا ماجد انا اخدت قراري ، تابع بنبرة أمر :
- تروح البلد دي او تبعت حد يشتريلي بيت هناك .
ماجد وهو ينظر له بذهول ، هتف باستنكار :
- انت كمان عاوز تقعد في وسط الفلاحين والح*****ت والدبان والناموس.
حدق فيه أيهم بتقزز بائن وهتف باعتراض :
- لأ طبعاً ، انت تشوفلي بيت وتجهزهولي علشان اقعد فيه ، تابع بجدية :
- وفي اقرب وقت تكون خلصت اللي طلبته منك .
هتف ماجد بنبرة ذات معنى :
- وليه كل دا في الأساس ، انت ممكن تجبره يبيع ، انت ناسي انت مين وتقدر تعمل ايه .
رد ايهم بتأفف وهو يوضح سبب قراره :
- مدحت بيقول انه راجل مسموع هناك ويعرف ناس مهمين ، يعني لو عملتله حاجة ممكن الموضوع دا يعملي دوشة انا في غنى عنها ، وكمان الحشيش اللي بيزرعه ده مش هستفيد بحاجة لو بلغت عنه ، دا حتى هيدخلني في مشاكل.
ماجد محركاً رأسه بتفهم ، رد بطاعة :
- خلاص هبعت واحد اعرفة يشوف بيت هناك..........
____________________________
دلف من الشركة عندما اخبروه بعدم حضورها لغيابها المرضي ، وقف مصطفى امام سيارته وظل يض*ب بيده عليها ليفرغ شحنة غضبه بعدما خدعته ليلة امس بأن يتركها وستفعل ما يأمرها به ، استقل سيارته واخرج هاتفته لمحادثتها ، عندما جاء صوتها بالرد هتف بغضب ضروس :
- بتضحكي عليا يا رانيا ، دا جزاتي اني سيبتك امبارح ومرضتش اعملك فضيحة .
ردت رانيا بتردد :
- انت فهمت غلط ، دا بابا تعبان قوي ومقدرتش اروح النهاردة .
رد باهتياج :
- كدابة ، انتي قاصدة متجيش ، تابع ساخرًا بانزعاج :
- على اساس بتحبيني وعايزاني ، فين الحب ده .
تن*دت بقوة واجابته بجدية :
- بحبك يا مصطفى وعوزاك بس مش بالطريقة دي .
رد بضيق :
- وانا معنديش طريقة تانية ومش بتاع جواز أنا .
انفعلت رانيا من مقابلته لحبها بتلك الطريقة الوخيمة ، هتفت بغيظ جم :
- يبقى تبعد عني لما انت مش بتاع جواز ، لأني مش هعملك اللي انت عاوزه مني دا مهما حصل .
طرق مصطفى مقود السيارة بعنف وهتف بحدة :
- انا عايز اشوفك وأتكلم معاكي ، كادت ان تبدي اعتراضها ولكنه أمرها بصرامة :
- مستنيكي يا رانيا واعمليها ومتجيش....
_______________________________
دلفت للخارج متجهمة الملامح فهي تخشى رؤيته بعد ما حدث بينهم ليلة أمس ، سارت رسيل لتستقل السيارة وتنفست بهدوء عندما وجدته بداخلها فهي لن تحتك بالحديث معه ، استقلتها دون ان تتفوه بكلمة واحدة ، لوى عمرو ثغره بابتسامة ساخرة ثم وجه بصره لاخته وهتف بسخط :
- بتتفقوا سوا من ورانا ، دا ايه الحب اللي مقطع بعضه ده .
لم ترد أيًا منهن والتزمن ال**ت ، فتابع بمغزى :
- بس اللي لازم تعرفوه اني مش سهل واقدر اتصرف كويس .
اشاحت رسيل بوجهها وادار سيارته وهو يدندن ببعض الأغاني ليعلن لهم سيطرته على كليهن ومهما فعلن لن يتأثر .....
بعد وقت من ال**ت اوقف عمرو سيارته امام وجهة اخته وحدثها بهدوء :
- يلا انزلي .
اومأت برأسها وترجلت من السيارة ، ولجت زينة للداخل وسط نظراته ثم وجه بصره لرسيل وقال :
- تعالي اركبي قدام عاوز اتكلم معاكي شوية .
ترجلت على مضض وهي تتأفف ، ثم استقلت مقعد الراكب بجانبه في **ت ، تن*د عمرو بعمق وادار السيارة للذهاب لوجهتها هي الأخرى ، اثناء السير باشر بالحديث وهو يسألها :
- يعني آخر كلام عندك انك مش عاوزة تبيعي .
ردت بتبرم وهي تصر :
- أيوة آخر كلام عندي ومش هغيره .
رد عليها بابتسامة ذات مغزى حيرتها :
- انتي حرة ، بس قريب هخلص من الموضوع ده .
لم تتفهم مقصده وهداها حسها بأنه سوف ينهي المسألة بغير رضاها ، شهقت لتقول بانفعال :
- وانت بقى بتفكر تبيع من ورايا ولا أيه .
رد باقتضاب زاد فضولها :
- مش بالظبط كدة .
ابتسم عمرو عندما لمح تعابيرها الجاهلة لحديثه ، زم شفتيه وتابع موضحًا بمكر :
- مش عايزة تبيعي انتي حرة ومحدش هيغصبك ، انا هتصرف في حاجة تانية .
ردت بخبث شديد :
- ايوة ، هتتصرف في الحشيش .
صدمته لما تفوهت به جعلته ينحرف عن الطريق وشهقت رسيل بزعر ، فوعي عمرو لنفسه وأوقفها في الوقت المناسب ، نظر لها وقال بعدم تصديق :
- انتي عرفتي منين .
ردت بنظرات ازدراء :
- عرفت وخلاص ، هتفرق يعني .
تنفس بهدوء وقال بمعنى :
- بيهددونا بيه لو مبعناش ، بس انا هتصرف فيه واخلص منه في اسرع وقت .
ردت باستهزاء :
- يعني محسسني انك هتولع فيه، تلاقي شوفتله زباين علشان تبيعوه .
رد هو باستفزاز :
- ايوة ، دا حظنا علشان هو في موسم الجمع بتاعه .
صرت اسنانها كاتمة غيظها ، نظرت له وهي تهتف بجدية :
- حاول بأي طريقة تخلصني من الزفت دا علشان الأراضي بتاعتي وانا مش عايزة اروح في داهية على حاجة معملتهاش .
رد بتأكيد :
- ما هو علشان كدة هتصرف بسرعة ، انتي برضه بنت عمي وملكيش ذنب تتاخدي في الرجلين.....
____________________________
ينظر لساعة يده بين الحين والآخر مُنتظرًا مجيئها الذي طال ، فرك مصطفى وجهه لتهدئة نفسه من افعالها التي باتت تزعجه منها فهو يحبها ويتمناها هي دون غيرها منذ رآها في المرة الأولى، لا يعلم هل الفارق الاجتماعي يعيق ارتباطه بها ام أنه غير مؤهل للزواج وتحمل المسؤلية في الوقت الحالي ، زفر مصطفى بقوة فهو لن يتخلى عنها اذا سلمته نفسها ولكنها لم تتفهم عليه ولم تدرك حبه لها وما استنبطته فقط رغبته في الحصول عليها ، نظر امامه عفويًا رآها قادمة نحوه ، لم يصدق عينيه إلا حين جلست بجواره وحدثته بعبوس :
- انا جيت أهو ، اتفضل عاوز تقول ايه وخلصني .
نظر لها للحظات قبل ان يرد بهدوء حزين :
- انا عاوزك يا رانيا .
ابتسمت للجانب ساخرة ، ردت بنفاذ صبر وهي تنظر إليه :
- انا تعبت من الكلام معاك علشان تفهم ، تابعت بجدية :
- وأن كان على الشغل اللي بتهددني بيه الله الغني ، مش عوزاه .
ثم مدت يدها داخل حقيبة يدها وسط نظراته الغير متفهمة لما تنتوية ، اخرجت رانيا بعض النقود لتضعها امامه وتابعت :
- دا المرتب اللي انت خليت باباك يدهولي مُقدم شغلي ، متشكرة قوي يا مصطفى ، انا اللي غلطانة أني لجأتلك .
كادت ان تنهض حيث اسرع هو بإمساك يدها وجعلها تجلس مرة أخرى ، هتف مصطفى بضيق :
- بسهولة كدة بتتخلي عني ، وانا اللي فاكرك بتحبيني .
ابعدت يدها ونهضت مرة أخرى قائلة بعزيمة :
- خلاص يا مصطفى انا قولت اللي عندي ، ومن بكرة انا سايبة الشغل ، سلام .
ثم تركته ينظر لها بصدمة ، تسارعت انفاسه من شدة الغضب والحزن معًا ، هتف مصطفى بغيظ :
- بكرة تحتاجيلي يا رانيا ، وساعتها هندمك على كلامك ده......
_____________________________
ولج والده غرفته بعدما انشغل عنه في الفترة الماضية ، نظر له أيهم بتعجب وسأله :
- خير يا بابا مش عوايدك تدخل أوضتي .
دنا مروان منه وهو يتطلع على مايفعله بعدم فهم ودارت الاسئلة في رأسه ، استفهم مروان :
- انت بتلم هدومك ؟! ، انت مسافر ولا أيه ؟ .
رد ايهم وهو يضع بعض اغراضه المُهمة في حقيبة صغيرة :
- أيوة يا بابا ، انا مسافر عندي شغل .
مروان مُحركًا رأسه بعدم فهم :
- شغل ايه اللي عندك غير المصنع اللي بتفكر تبنيه .
رد أيهم بتوتر وهو يدعي انشغاله باغلاق الحقيبة :
- ما هو شغل يخص المصنع .
اومأ مروان رأسه بتفهم ، ثم زم شفتيه ليقول بتردد :
- هي سالي هتسافر معاك .
رد علي الفور بنفي :
- هسافر لوحدي .
مروان باستنكار :
- انتوا كنتوا متعودين تسافروا سوا ، ايه اللي حصل ؟! .
نظر له أيهم ورد بحنق :
- بابا انسى بقى الموضوع ده ، وانا فاهم كويس ان ابوها صاحبك وهو اللي بيخليك تكلمني كل شوية على علاقتي بيها ، ووافقت ارتبط بيها وكنت كويس معاها ، انما بعد اللي عملته لو آخر واحدة مش هفكر فيها .
لم ينتبه أيهم لما تفوه به إلا حينما سأله مروان بفضول :
- هي عملت يا أيهم ؟ .
انتبه له أيهم ورد وهو يبتلع ريقه بتوتر :
- ما فيش يا بابا ، احنا بس زعلنا واتفقنا نبعد ، تابع بجدية :
- فياريت محدش فيكوا يدخل بقى .
رد مروان بقلة حيلة :
- طيب يا أيهم زي ما تحب ، بس لما تسافر طمني عليك .
ايهم باقتضاب :
- ان شاء الله يا بابا .......
____________________________
استعجل العمال بانجاز مهمتهم في تهيئ غرفته ليبدأ في دهانها كخطوة اولي ليستعد بعد ذلك لفرشها عندما يمتلك المال ، تأفف اسماعيل وأفرغ ضيقه في العمال عندما قال :
- شهل يا أخويا أنت وهو ، هتخلصونا أمتى .
هتف احد العمال بتهكم :
- مستعجل على ايه يا اسماعيل ، اللي يشوفك كدة يقول هتتجوز بكرة .
حدجه اسماعيل بضيق ، رد بتعنيف :
- خليك في شغلك وخلاص ، انا عايز الأوضة بتلمع .
اشاح الرجل بوجهه لينجز عمله ، بينما نظر له اسماعيل شزرًا وحدث نفسه :
- عنده حق ، هتجوز امتى بس ، دا ايه العيشة دي .
قطع خلوته رجل ما مرتدي حلة رسمية وذو هيبة يحدثه :
- لو سمحت يا أخينا .
التفت له اسماعيل وتأمل هيئته الفخمة ، سار اسماعيل تجاهه ليرد باكتهاء :
- خير يا سعادة البية .
ابتسم له بتصنع وسأله :
- أنا شريف ، ممكن تقولي ألاقي بيت كويس هنا فين ؟ ، تابع بتردد :
- أصلي عاوز أسكن فيه .
اسماعيل بنبرة مستهرئة من رغبته في العيش هنا :
- انت عايز تعيش هنا ، دا الناس عايزين يسيبوها لو الفرصة جتلهم .
زوى الرجل بين حاجبية وأعاد سؤاله :
- لو سمحت لو تعرف بيت كويس قولي الاقيه فين ؟ .
اسماعيل لاويًا شفتيه بلا مبالاة ، رد بمعنى :
- تعالى اما أود*ك للعمدة ، هو اللي هيعرف يتصرف في طلبك ، انا معرفش اعملك حاجة .....
________________________________
استكمل أيهم تجهيز متعلقاته الخاصة ومقتنياته التي سيحتاجها في مهمته تلك ، فكر مليًا في قراره ولم يجد سواه وحدث نفسه بأن الأمر نفذ وانتهى ولابد اكماله ، دار في رأسه كيف سيبدأ اقترابه من فتاة لم يرها مطلقًا وسيتزوج بها ، ابتسم بسخرية من تحكمات القدر ، تن*د بقوة ليقنع نفسه بأنه لا يستغلها وسيعوضها فيما بعد فهو يعترف في نفسه على حُسْن نيته ، انتبه لهاتفه وهو يهتز بجانبه ، أمسكه أيهم ليرد :
- عملت ايه يا ماجد ؟ .
رد ماجد بعملية :
- عملت اللي قولتلي عليه وبعت واحد يشوفلك بيت كويس .
ايهم باطراء :
- برافو عليك ، تعجبني لما تنفذ اللي بطلبه منك .
ماجد متسائلاً بحذر :
- برضه هتنفذ اللي في دماغك .
اجابه أيهم بعزيمة :
- خلاص انا قررت ، وبعدت واحد يجبلي كل المعلومات عنهم وعنها هي كمان .
هتف ماجد بتردد :
- مش عارف يا ايهم بس انا مش مطمن للخطوة دي ، حاسس فيه حاجة مش كويسة هتحصل هناك .
رد ايهم بعدم اكتراث :
- سيبك انت من كل ده ، جهز نفسك علشان هتيجي معايا .
ماجد بصدمة :
- آجي معالك ، بس مش هينفع .
رد أيهم بنبرة حزم واصرار :
- خلاص يا ماجد انا قولت هتيجي معايا يبقى هتيجي .
ماجد على مضض :
- حاضر ، هروح اجهز نفسي.......
____________________________
وصل اسماعيل برفقة الرجل لسرايا العمدة ، أشار للرجل بأن يتقدم لمقابلته بالداخل ، ولج شريف ليرحب به العمدة :
- اهلا وسهلا يا سعادة البيه ، اتفضل .
تحرك شريف نحو الداخل وهو يردد بامتنان مُصطنع :
- شكرًا يا عمدة .
جلسوا في غرفة الضيوف وامرهم بتحضير غداء للضيف ولكن شريف رفض وفضل القهوة ، تشدق عبد الحميد باستفهام :
- خير يا سعادة البيه ، سيادتك كنت بتسأل علي أيه ؟ .
رد شريف بنبرة جادة :
- انا كنت عايز بيت هنا يكون كويس ونضيف ، نظر حوله وتابع بمعنى :
- ويا ريت لو فيلا زي دي ، هكون شاكر قوي .
عبد الحميد بتفكير :
- من حيث البيوت فمش هتلاقي حاجة تنفع سيادتك ، لأن كلهم زي ما انت شايف كدة ، ما فيش غير السرايا بتاعتي وفيلا فريد بيه وأخوه .
شريف بنبرة شبه متوسلة :
- شوف يا عمدة واتصرف ، انا مستعد لأي مبلغ تطلبه مني .
زم عبد الحميد شفتيه بتفكير ،نظر له رافعًا حاجبيه وهتف بعدما فكر في شيء :
- انا عندي سرايا المرحوم أبويا ، هي قديمة شوية بس عايزة شوية شغل ، انتصب شريف في جلسته ليقول بلهفة :
- لو سمحت يا عمدة ممكن أشوفها .
رد عبد الحميد بموافقة :
- أكيد سيادتك ، هي مش بعيدة دا جمب فيلا فريد بيه بالظبط...
____________________________
عرفت وجهتها لمن سيخلصها من براثنه وتحكماته المُبالغ فيها معها ، ظنته رانيا سيشعر بمعاناتها واول من يساندها حين تحتاج له ، ابتسمت بسخرية على سذاجة تفكيرها ، شعرت بالحزن فهي لا تتمنى وصول الأمر بينهم لهذا الحد ولكنه من دفعها لذلك حتى لا يتمادى معها ، وصلت رانيا لفيلته عندما علمت انه غادر الشركة مبكرًا ، ولجت للداخل واستأذنت رؤيته في امر هام ، لم يتأخر الأخير في الاستجابة لرؤيتها ، هبط أيهم الدرج متعجبًا من حضورها الغير متوقع لفيلته ، تحرك ايهم صوبها وابتسمت رانيا بهدوء حين رأته يتقدم منها ، دنا ليقول بنبرة متعجبة :
- مش معقول، رانيا ، فيه ايه ! .
اجابته بتردد ممزوج بالحرج :
- أسفة يا أيهم أني جيت كدة ، بس أنا كنت عايزاك في موضوع مهم قوي ومافيش غيرك قدامي .
أشار لها بأن تجلس وهو يقول باهتمام :
- اقعدي يا رانيا وقوليلي موضوع ايه المهم ده .
جلست رانيا وجلس هو الأخر ، ردت رانيا بتردد :
- مصطفى .
قطب بين حاجبيه وهو يسألها بعدم فهم :
- ماله مصطفى ، عملك حاجة ؟ .
ردت متنحنحة بتوتر :
- مصطفى بيضايقني يا أيهم ، انا كنت طلبت شغل منه وشغلني عندهم في الشركة ، وجاي دلوقتي يخيرني ، توترت اكثر وهي تتابع ونظراتها للأسفل :
- يخيرني اني ابقى معاه يعني او يخليني اسيب الشغل .
استفهم بعدم فهم لما تفوهت به :
- تبقي معاه فين ؟ .
رت بخجل شديد :
- ابقى معاه يا أيهم ، ازاي مش فاهم .
تجمد للحظات حين تفهم الأمر واومأ برأسه وهو يقول بحرج :
- آه فهمت ، تابع بجدية :
- مش عايزك تشيلي هم الموضوع ده يا رانيا ، انا بنفسي هكلمه وهخليه يبعد عنك .
ابتسمت له رانيا وهي تردد بامتنان :
- متشكرة قوي يا أيهم ، علشان كدة قولت لنفسي ما فيش غيرك يقف جمبي .
رد أيهم بابتسامة ذات معنى :
- ومن ناحية الشغل مش عايزك تقلقي ، انا هكلمهم في الشركة يشفولك وظيفة تناسبك .
هتفت رانيا بفرحة وامتنان عظيم :
- مش عارفة أقولك ايه يا أيهم ، يا ريت كل الناس زيك ......
_______________________________
توجه نحوها عندما وجدها تسير بين الزروع بمفردها ، سعد ايهاب لرؤيته لها امامه وهو يدنو منها ، كانت رسيل تتأمل الخضرة وهي تبتسم ابتسامة ساحرة ثم خطت بقدمها لتعرج للناحية الأخرى ولم تنتبه لتلك الحفرة الصغيرة في منتصف الطريق ، فتعثرت قدماها فيها تلقائيًا وشهقت مفزوعة ، انتفض ايهاب مهرولاً تجاهها وقبض عليها بذراعيه فتشبثت به رسيل عفويًا وتسارعت انفاسها فكادت ان تن**ر قدمها لولا أنه التقفها سريعًا ، تبادلا الاثنان النظرات لفترة حيث نظراته الوالهة شردت في لون عينيها الزرقاء بلون السماء ، وعيت رسيل لوضعيتها وتنحنحت بخجل وحاولت الاعتدال فهو ما زال قابضًا عليها ، انتبه ايهاب هو الآخر لنفسه وابعد يديه من عليها ، قالت رسيل بتوتر:
- ميرسي يا ايهاب ، لولاك كان زماني م**ورة دلوقتي .
رد متنحنحًا بخجل :
- عادي يا رسيل ، اي واحد مكاني كان عمل كدة وأكتر .
ابتسمت رسيل فتابع باستفهام :
- مشفتكيش من زمان بتخرجي كدة ، تابع بضيق داخلي :
- تلاقي عمرو مش هنا علشان تخرجي .
اومأت رأسها بتفهم وتأكيد :
- مش هنا وقولت لنفسي اخرج شوية ، اصلي اتخنقت من جو الفيلا ومافيش حاجة بعملها .
ابتسم ايهاب وقال بنبرة متمنية :
- ممكن نتمشي سوا شوية ، لو مش يضايقك يعني .
هتفت بترحيب شديد :
- طبعًا موافقة ومافيش حاجة تضايقني .
- بس هيضايقني انا .
التفتت رسيل لذلك الصوت الذي تعرفه جيدًا وهتفت بتوتر :
- عمرو......
______________________________
انتهى شريف من الاتفاق على ابتياع السرايا ثم دفع مقدمًا زاخر جعل عبد الحميد يبيعها دون تردد ، غادر شريف ليجلس عبد الحميد في مكتبة ليضع المال في الخزنة الموضوعة بجانبة ، ولج مازن عليه عندما لمح رجل غريب يدلف من السراية ، دنا مازن من والده وهو يستفهم :
- مين الراجل اللي كان هنا من شوية يا بابا وعايز ايه ؟ .
نظر له والده عندما انتهى من وضع النقود ليرد بجدية :
- كان بيشتري سراية جدك .
هتف مازن بعدم تصديق :
- وحضرتك بيعت سراية جدي ليه؟ ! .
رد بعدم اكتراث :
- مش لزماني والبيه دفع فيها كتير قوي ، تابع بمعنى :
- هو احنا بنقعد فيها ، وكمان دي عوزالها فرش وشفل كتير .
هتف مازن وهو يسأل باستغراب :
- ودا مين دا اللي عاوز يشتري مكان في بلد زي دي ؟ ، لا وكمان دافع فلوس كتير .
رد والده بجهل :
- معرفش ، اصلي مسألتوش لما لقيته جاهز يدفع ويشتري .
مازن بعدم اقتناع :
- انا شاكك ان الموضوع دا وراه حاجة .
عبد الحميد بلا مبالاة :
- وراه ولا مش وراه ، المهم اننا بعنا ........
____________________________
اقترب عمرو منهم وهو يرمق ايهاب بازدراء بائن جعل رسيل تشعر بالغضب تجاهه وبالشفقة تجاه ايهاب ، وقف عمرو امامهم ليحدثه بنبرة ساخرة :
- بقى أنت يا سي ايهاب عايز تتمشي معاها .
ادرك ايهاب حديث المهين لشخصه ورد عليه بثقة رغم ضيقه :
- وفيها أيه أما أتمشى معاها ، تابع باستهزاء :
- ولا تكونش مكتوبة على اسمك وأنا مش واخد بالي .
ابتلع عمرو كلامه ونظر لرسيل بمعنى وجدها صامتة ولم تبدي ردة فعل ، عاود عمرو النظر لايهاب ورد باستهجان :
- اللي قدامك دي بنت عمي ، يعني بنت اسيادتك اللي انت وأهلك بتشتغلوا عندهم .
حدجه ايهاب بنظرات مُهلكة لاهانته الدائمة له ، وعن رسيل نظرت له بصدمة وقررت الرد حين هتفت بتعنيف شديد :
- ايه الكلام اللي بتقوله ده ، احنا مش اسياد حد ، احنا هنا كلنا واحد .
نظر لها عمرو نظرة حارقة وهو يرد عليها باعتراض :
- لا احنا مش واحد ، نظر لايهاب وتابع بغضب :
- والاستاذ دا لازم يفهم انهم مش اكتر من خدامين عندنا .
تشنجت تعابير ايهاب وبرزت عروقه غضبًا من حديثه الوقح معه ، نظرت له رسيل كأنها تقول له أهدأ فأغتاظ عمرو من نظراتها نحوه وهتف باهتياج :
- انتي بتبصيله كدة ليه .
نظرت له رسيل ووقفت امامه لتمنع احتدام النقاش لما لا يحمد عقباه ، حدثته رسيل بترجي :
- يلا يا عمرو علشان خاطري انا عايزة امشي من هنا .
نظر لايهاب نظرات دونية وهو يرد عليها :
- عندك حق ، احنا مينفعش نقف هنا أصلا .
ثم استدار ليترك المكان وهمت رسيل بالذهاب خلفه بعدما نظرت لايهاب كأنها تتأسف له عما حدث ، تعقبهم ايهاب بنظراته الغاضبة وهو يلعن تلك الظروف التي وضعته في موقف كهذا وتطاول ذلك الوقح عليه ، حزن ايهاب بداخله واستدار تاركًا المكان هو الآخر......
_____________________________
هاتف صديقة لضرورة مناقشته في أمر هام نظرًا لضيق وقته قبل السفر ، تواعد ايهم ان يقا**ه في مطعم ما شهير بالقاهرة ، ولج ايهم ليجده بإنتظاره ، تحرك صوبه ووقف مصطفى لمقابلته حينما بدأ أيهم في الإقتراب منه ، صافحه أيهم سريعًا وجلس على المقعد ، جلس مصطفي هو الآخر وهو يمط شفتيه بتعجب ، استند أيهم بساعديه على الطاولة وحدثه بجدية جامدة :
- ممكن أعرف بقى انت عاوز أيه من رانيا ؟ .
دُهش مصطفى من علمه لما بينهم ، واستنبط بحسه أنها من أبلغته بذلك مُستنجدة به ، تغيرت تعابيره للضيق من فعلتها تلك ، بينما انتظر أيهم اجابته على سؤاله ، رد مصطفى بتهكم :
- وهي بقى اللي مخلياك مسكلها الموضوع؟ .
هتف أيهم بانزعاج ونظرات حادة :
- قصدك ايه ، مش عاجبك أنا .
اعتدل مصطفى في مقعده وهو يبرر بتوتر :
- مش قصدي يا أيهم ، انا أقصد ان دا موضوع خاص بيني وبينها.
هتف أيهم بنبرة حانقة :
- وايه اللي بينك وبينها ، انك تهددها بالشغل بتاعك علشان عاوزها غصب عنها .
صر مصطفى اسنانه وهو يرد بضيق :
- هي بتحبيني و.....
قاطعه أيهم بحدة :
- لو عايزها اتجوزها ، غير كدة تبعد عنها ومتقربلهاش ، سامع يا مصطفى انا قولت أيه .
تخضبت تعابير مصطفى وهو يرد بضيق مكتوم :
- حاضر يا أيهم انا هبعد عنها .
أيهم بمدح :
- كويس قوي ، استأنف بسخرية :
- ومش عيب مصطفى اللي البنات بتجري وراه تيجي واحدة في الآخر وتبهدله كدة .
**ت مصطفى ولم يعلق ، فتابع أيهم :
- انا شوفتلها شغل عندي في الشركة ، وهي بقت ملزومة مني دلوقتي ، يعني لو عملتلها حاجة هقفلك أنا .
لوى شفتيه في تهكم وأكتفى بإماءة رأسه بطاعة.....
______________________________
ولج منزله البسيط حزينًا فما حدث ليس بالهين ليتقبله فقد اضحت كرامتة معدومة بتطاوله عليه وخاصةً أمام من أحبها ، جلس ايهاب على الأريكة في ردهة المنزل نا**ًا رأسه ومغمض العينين من شدة حزنه ولمنع نفسه الخائنة من البكاء ، ظن في نفسه انتهاء فكرة التميز بين البشر ولكنها ما زالت راسخة عند البعض في التكبر على من هم دونهم ، كتم حزن يريد عدم التفكير في الأمر، لم يشعر بأخته التي جلست بجانبه وتنظر له ، جلست ملك تحدق فيه مطولاً عندما رأت الحزن ي**و وجهه واستنبطت ان هذا اللعين عمرو تطاول عليه كعادته المعروفة عنه فهي قد رأتهم من بعد ويبدو ان الجدال احتدم بينهم وربما أسمعه الآخر ما أحزنه ، تن*دت بحزن وهي تتأمل وجه أخيها وحدثته بحذر وهي تستفهم :
- عمرو قالك ايه يا ايهاب ؟ .
انتبه ايهاب لوجودها وابتلع ريقه وهو متعجب من سؤالها ، لمحت ملك حيرته في معرفتها واكملت لتوضح له :
- انا شوفتكم من بعيد ، بس معرفش ايه اللي حصل بينكم .
لم يعلق بل ن** رأسه في خزي غزا تقاسيمه وحزنت ملك لرؤيته هكذا فأكملت بانزعاج :
- أوعى تخلي الحيوان دا يضايقك بكلامه ، كل الناس عارفة انه متكبر وهو أصلا ولا حاجة ، والناس مش بالفلوس يا ايهاب .
رفع ايهاب رأسه نحوها ليقول بسخرية :
- أومال بأيه؟! .
حدقت فيه ملك وهي ترد باستنكار :
- بحاجات تانية كتير ، تعليمك اخلاقك سيرتك الحسنة ، دا كفاية حب الناس ليك ، دا لوحده نعمة من ربنا .
ايهاب بتنهيدة حزينة :
- دا انسان مريض أنه يتكبر عليا بالشكل ده .
اومأت ملك رأسها مؤكدة "أيوة" ، فاستأنف ايهاب بلا مبالاة :
- خلاص الموضوع دا مبقاش يهمني ومش عايز اتكلم فيه .
ابتسمت ملك بلطف وهي تربت على ظهره ، قالت بتفهم :
- سيبك من رسيل وخليك مع اللي بتحبك ومستعدة تقف قدام الكل علشانك ، متضيعهاش من ايدك .
ابتسم بسخرية وكاد ان يضحك وهو يرد عليها :
- قال يعني هي كمان مش زيهم ، كلهم زي بعض ، احنا فين وهما فين ، نظر لها ليتابع بجدية :
- دي لو اتقدمتلها مش بعيد يطردوني ويعيروني ، ولو حتى وافقوا عليا ، هعيشها في نفس المستوى منين .
ملك معترضة بشدة :
- سيرين بتحبك وهتقبل اي حاجة منك وبكرة تشوف .
ايهاب بعدم تصديق مطلقاً لحديثها :
-الكلام سهل يا ملك ، بس الفعل صعب................
_________________
_____________
________